الشاعر الدكتور أنس أمين: محمد أديب السلاوي عراب الفكر
الشاعر الدكتور أنس أمين: محمد أديب السلاوي عراب الفكر
مهيجة قلبي عنها قفــرا أجـــوب ومن شوقها في القلب شب وجيــب
سبتني بعينين سهــام رموشهـــا وأهدابها دعجا بفتــك تصيـــب
تبادلني تيما مــراض جفونـــها وما شانها الدجعاء جفـن قطــوب[1]
مراض جفون ما شكت قط علـــة سوى علة الأشـواق داء صيــوب[ii]
ولي قيل إن الكحل تريــاق دائهـا فقلت: أجل والكحل لهـو الحبيــب
نعتني و قد طببت جفنـا مريضــة وفي الحب ينعى من مريض طبيـب
هي العين إن سالت بكـاء ، بمائـها ليوقد في قلب المحــب لهيـــب
فدمعة عيني أو قدت لهـب حرقـتي أيطفئ لهب الغــرام هليــــب[iii]
فذاك لحال العاشقيــن صبابـــة هو العشق غزو والسبايا القلـــوب
فجبت الفيافي باحــثا متلهـــفا عسى ألتقى صبا ودمـعي صبيــب
بعرمس يكفيها اللحـاء لجوعــها ويكفيها في الجرداء بقـل قبيـــب[iv]
وإن عطشت تسقى السراب تعبــه وترقل وخدا والقفــاز جديـــب
بحتث و ماقا عن حبيبة مهجــتي وعجت حجازا يعتريني شبـــوب[v]
فما همني ظعن بمومـاة مسبـــع أضأت بنار الشوق دجنا يلـــوب[vi]
بعيسى عسى ألفي الحبيبة أفتلـــي الفلا، عدتي وخد يليــه خبيــب[vii]
و صلت بعيد الشحط دار حبيبــتي غدت طللا أبلاها دهـر قلـــوب[viii]
بها ربرب تختال في رسبــه المـها يغازلها بالشدو حبــا كعيـــب[ix]
لقد يبب الدهر الدهير طلولــــها سألت يبابا، هل يجيـب اليبيــب[x]
أنخت بأطلال غريبا، و هل قــرى بحضن طلول يستضاف الغريـب[xi]
لقد زفت الدنيا الطلـول وأهلـــها فأشفق بمن زفته دنيــا لعــوب
فأي ديار والبــلى دب أهلـــها فرب ديار دون أهل دبــــوب[xii]
فيا ليت شعري ضاق مني مقامــها أيحلو مقام والمقــام حريـــب[xiii]
فلي ناقتي قالت ألا عج بمغـــرب يطيب به صاح المقام الرحيـــب
فيا قوم ليست هند أو دعد أبتــغي ولا من سعاد إن أمــري حزيـب[xiv]
ولكنها فاس وماقي وديـــــدني أنخت بها والأهل أهل طيـــوب
أتيت إليها حيث قيل : مكــــرم سألت فقالوا: السلاوي أديــــب
حمدت السرى والشعر أقسم مادحـا إياه ويحلو في المديح النسيـــب
أديب السلاوي عنه فأسأل جهينـة لها خبر عنه يقينـا تجيـــــب[xv]
لجعد و جحجاح و قرم سميـــدع حسيب ونقريس و حبر أريـــب[xvi]
أديب السلاوي ما سلا فاس أو جفـا فبين الأهالي من جفا لغريـــب
فمولي إدريس بن إدريس في الثرى فخور بكم إذ ما لديكم ضريــب[xvii]
فسيرتكم دوت بشرق و مغـــرب إذا سيرة الأغيار غبنا تشيـــب
فصيتك محمود الصدى يا محمــد وذكرك ضوع منه قد فاح طيــب
رشاءك تدلي غارفا من معــارف أيجدي رشاء حيث جف قليـــب[xviii]
يتيمة عقد الناقدين مبــــــرز ففي حلبة النقاد أنـت مهيــــب
وإن أخطأت مرمى سهام لناقـــد فسهم انتقاد منك دوما يصيـــب
فأنت و أيم الله موسوعـي الحجــا بذا شهد القاصي لكم والقريــــب
إذا افتخر المحسان من خصب كفـه فكفك تأليفا وجودا خصيـــــب
و راكمت أسفار بخمسين حجـــة بها القلم المدرار دوما سكيــــب[xix]
أسلت يراعا لم تكفكـف نزيفـــه وما كل نزف بالدمـاء خضيـــب
و بالورق المرقوم ضمدت جرحــه ولم يندمل ذا الجرح رغما يسيــب[xx]
و عطشت أفواه الدوايا صـــواديا فرويت صكوكا بالمداد يــــزوب[xxi]
فقد حمد القرطاس أسود حبركـــم فحسب سواء المسك ليس يعيـــب
و كم ورق قد شاخ نور بياضـــه فرب بياض في الكتاب مشيـــب
فما كل ما يهمي سوادا طــــلاءة وما كل ما يهمي بياضا حليـــب[xxii]
وما كل من يستل عضبا بفـــارس ولا كل عضب في الحروب ضروب[xxiii]
ولا كل ما يبرى يراع مهنـــــد فرب يراع خط وهو خشيــــب[xxiv]
ولا كل من يفنو مقــالا بكاتــب لقد كثر الكتاب، أين الأديــــب؟[xxv]
إذا نام في الليل الأليل مثقــــف مضاجع لم تألفها منك الجنـــوب
وإن كان للأفراس في الدهر كبــوة فسعيك وثب ليس فيه وكــــوب[xxvi]
كلأت أيا ابن الضاد للضاد تلــدها فما ذامها منك ضوى ونضـــوب[xxvii]
فبت أمير النثر والنثر طـــوعكم ألا من قيان إذ تطاع الربـــوب[xxviii]
فحسبك أم الحباب قليتــــــها تأليفكم يرويها قــدر رتيـــب[xxix]
سللت بتحرير يراعك كالضــــبا لعمري لم يكهم لديه ضبيــــب[xxx]
وتلك مجلات تجلــك كاتبــــا فلولاكم القراء عنــها عــزوب[xxxi]
وسربلت إعلاما جديدا وجــــدة فأنت لدى الإعلاميين نقيـــــب
وكم صحف قد كن قبل بوائـــرا وقد زفها منك مقال جـــــذيب
فدعوة حق، فيصل، و يمامــــة بيان وأقلام، أيحصى القنيــــب[xxxii]
فلو نجم الإحصاء إحصاء أنجـــم بحسرتها في الشرق شمس تغيــب
أديب: لفي الإعلام أجزل كاتـــب وما مثله في الكاتبين أديـــــب
برأي حصيف منه زان فصـــاحة وما صحف الألفاظ وهو خطيــب
فأنعم بلسن بالفصاحة مفلـــــق فسبحان أضحى باقلا إذ يخيـــب[xxxiii]
أبحاثة جودت ســرد روايــــة بحوثك الجلى الكل فيها رغيـــب
وأرخت شعر العرب والشعر شاكـر وشكر القوافي مدحكم إذ يهيـــب
لكم قصب للسبق في نقد مســـرح كفى جهد أتراب لجهد تريــــب[xxxiv]
سفكليس لو يحيا فإلياذة طــــوى وأقعى حياء وهو عي جنيــــب[xxxv]
وفي هيكل التشكيل أصبحت ســادنا فحسبك ذوق رائع وخلـــــوب
هي الريشة الولهى زففت لمــرسم لها من وصيفات الجمال ضــروب
فخوصت تاج الفن منك للآلــــئا فغارت بأسماط الآلي كعــــوب[xxxvi]
وللفكر عراب يذود عـــــروبة غيورا، إذا ما استرخضتها الشعـوب
فمبدؤه الوثاب ما استمرأ الونـــى لقومية سلكى لديه وثــــــوب[xxxvii]
فأعلنها شعواء يقبر رشـــــوة لنجح المغيا سائـــــر ودؤوب[xxxviii]
بصرخته دوى ليصبح واقــــعا وصرخته في الواد لا من يجيـــب
و عن بيضة الإسلام ما أنفك حامـيا وعن حوب إرهاب لديه شجـــوب
لقد قل من توأم العلم و التــــقى فعلمك عزر والخلال تطـــــيب
لقد دمثت منك الفضائل حيثـــما بذا شهد الأخدان لا من يريـــب[xxxix]
لقد جمع الرحمن فيك فواضـــلا و كل الذي ترنو إليه القلــــوب
هو المغرب الأقصى بكم فاخر الدنا لتفخر من نجب بنيها الشعـــوب
إذا حق أن يطرى أديب مفــــوه فأجدر أن يطرى السلاوي أديــب
لتستأهل التكريم يا ملهم النـــهى فليس يلين العزم منك صعـــوب[xl]
فتكريمكم بين الرجالات واجـــب ليسقط حكم المستحب الوجـــوب
فأكرم بتكريم لينصف أطلــــسا شموخا لعشاق المعــالي جليــب
تتوج توقيرا بأسمى جوائـــــز وقد شهد التتويج عرس رهيـــب
إذا افتخر الرواد منح جوائــــز بها قد رضوا، كل إليها طلـــوب
بكم افتخرت تلك الجوائز حينمـــا رضيت بها إذ أنت عنها رغيـــب
فشتان بين الفجر ضوأ دجنــــة ودجن عزا يسبيه فجر كــــذوب
فذي نخب من نخب تكريمكم غـدت ثمالى بلا صهباء، كل طــــروب
فدونكها بنت الحجا حيث طاولــت فطاحل شعر ما اعتراها لغـــوب
وخذها خرودا وارتشف برد ريقـها بفيها رضاب ما سبــــاه نضوب
فلو هرم إياها أنشــدته لــــما همى لزهير منه كف خصيــــب
فقد أفحمت حسنا فحول قصيـــدة فمن جرسها قد ماس غصن رطيـب
بمزمار داود عزفت نشـــــيدها بأشرف بحر والنشاز عزيــــب
لتقليدها ما اسطاع بالزقو بليــــل وبح نوى من شدوها عندليــــب
فعذرا إذا ما كفكف الشعر بـــاءه هي الباء إطراء روي طــــروب
وسبحان ربي من به قد تعارفـــت قبائل شتى في الورى وشعـــوب[xli]
فيما صمدا وتر عزيز مهيمــــن ويا أحد يا غافر يارقيــــــب
على خاتم الأرسال يا رب صـب ما من البرق منه افتر ثغر شنيـــب[xlii]
و سلم على الهادي الحبيب محمــد سلاما، فمبعوث الحبيب حبيـــب
[1] القطوب: مكشر العينين .
[ii] – صيوب: عضال.
[iii] – الهليب: اليوم الشديد البرد.
[iv] – العرمس: الناقة، اللحاء: قشرة جدع الأشجار، القبيب: مايبس من النبات.
[v] – الشبوب: الحماس.
[vi] – الظعن: الرحل، الموماة: الصحراء، مسبع: يسكنها السباع، يلوب: يسود.
[vii] – العيس: الناقة، أفتلى: أسير في الفلاة، الوخد والخبيب: أنواع من سير الإبل.
[viii] – الشحط: البعد، قلوب: متقلب.
[ix] – الربوب: قطيع الغزلان، المها: أنثى الغزال، الكعيب: ذكر الغزلان
[x] – يبب: خرب، اليباب: الخراب، اليبيب: المخرب.
[xi] – أناخ: استراح من الرحل.
[xii] – الدبوب: الغاز القعير.
[xiii] – الحريب: المتروك والمسلوب.
[xiv] – حزبه الأمر: أحزنه.
[xv] – في البيت تضمن للمثل العربي: عند جهينة الخبر اليقين.
[xvi] – الجعد والجحجاح والقرم والسميدع: مرادفات لسيد القوم، والنقريس والحبر: العالم.
[xvii] – الضريب: المثل والشبيه.
[xviii] – الرشاء: الحبل يدلي في البئر، القليب: البئر.
[xix] – الأسفار: الكتب، الحجة: السنة.
[xx] – المرقوم: المكتوب، يسيب: يسيل.
[xxi] – الصوداي: العطاشى، الصكوك: الكتب، يزوب: يسيل.
[xxii] – يهمي: يسيل/ الطلاءة والطلاء: القطران.
[xxiii] – العضب: السيف.
[xxiv] – اليراع: القلم.
[xxv] – يفنو: يزين.
[xxvi] – الوكوب: التعثر وفي البيت تضمين للمثل العربي: لكل فرس كبوة.
[xxvii] – كلأت: حفظت، التلد: التراث، الضوى: الهزال، ذامها: شأنها.
[xxviii] – القيان: العبيد والربوب: الأسياد.
[xxix] – أم الحباب: كنية الدنيا.
[xxx] – الظبا: السيف والضبيب: حده.
[xxxi]- عزوب: العزوف.
[xxxii] – القنيب: الجماعة المثيرة العدد.
[xxxiii] – سحبان: عربي يضرب به المثل في الفصاحة وباقل: عربي يضرب به المثل في العي.
[xxxiv] – الأتراب: الأقران، التريب: من سقط في التراب.
[xxxv] – سفكليس أو سفكل: شاعر يوناني مؤلف مسرحية الإلياذة، جنيب: خامل.
[xxxvi] – خوص: رصع، الكعوب: الحسناء الناهدة.
[xxxvii] – الونى: التعب، سلكي: قوية وحمية.
[xxxviii] – الشعواء: كناية الحرب الضروس، المغيا والمتغيا: الغاية.
[xxxix] – دمثت: طيب، الأخدان: الأصحاب، يريب: يشك.
[xl] – الصعوب: الصعب.
[xli] – في البيت اقتباس من قوله تعالى في سورة الحجرات: وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.
[xlii] – الأرسال: جمع رسول وهو جمع قلة.