محمد أديب السلاوي الدفاع عن الحق في انتخابات نزيهة…بقلم محمد الأمين السباعي
محمد أديب السلاوي الدفاع عن الحق في انتخابات نزيهة…بقلم محمد الأمين السباعي
في سلسلة من الكتب السياسية و الاجتماعية الهامة ، حول الإصلاحات الدستورية و الإدارية و السياسية في مغرب اليوم، و حول الرشوة، و السلطة و المخدرات. يتناول الصحفي و الكاتب المغربي الكبير، سلسلة من القضايا التي تمس قضايا جوهرية، تتعلق بالمواطنة، و الديمقراطية، و الحرية، و حقوق الإنسان. حيث استعمل لغة الصحافة من أجل استقراء ملفات على قدر كبير من الأهمية و الخطورة، في المرحلة الراهنة من تاريخنا.
و نعتقد أن ما قدمه الأستاذ محمد أديب السلاوي في هذه الكتب لا ينفع فقط وعي القارئ العادي، و لكنه سيصبح مرجعا أساسيا للبحث الأكاديمي المتصل بقضايا على صلة و تقى بالحياة السياسية العامة للبلاد، بل بحياة كافة المواطنين.
و نعتقد أيضا أن ما قدمه هذا الكاتب حول الفساد و الإصلاح و السلطة و حقوق المواطنين في التعبير و المشاركة .خلال نصف قرن من حياته الإعلامية، سيظل علامة مضيئة في تاريخنا الإعلامي، و من جهة أخرى يفرض علينا إعادة قراءة هذا الكاتب على ضوء ما يعترى تاريخنا الحديث من صراعات و تداخلات.
في هذه الشهادة، استعرض أمامكم الخطوط العريضة، لما جاء به كتابه الهام الانتخابات في المغرب إلى أين… و يعالج المعضلة الانتخابية في بلادنا من ثلاثة زوايا أساسية، و هي تاريخ الاستحقاقات في المغرب منذ انطلاقتها سنة 1960 حتى اليوم، و تاريخ الفساد الانتخابي من خلال انتخابات 1997، التي أفرزت حكومة التناوب، تم تطلعات النخبة المغربية لانتخابات العهد الجديد.
و قد قدم الزميل محمد أديب السلاوي مؤلفه الجديد بفاتحة أبرز فيها أهمية” الانتخابات ” في الأنظمة و التقاليد الديمقراطية، مؤكدا أن المغاربة أدركوا مبكرا خاصية العمليات الانتخابية كدورة أساسية في حياتهم، و لكنهم صدموا باستمرار من طرف السلطة التي جعلت من العمليات الانتخابية قاطرة لتحقيق خططها و أهدافها المتعارضة مع قيم الديمقراطية و مع التطلعات الوطنية.
و أكدت فاتحة هذا الكتاب، من جانب آخر، أنه من سوء الأمراض التي أصابت الديمقراطية، في المغرب، تلك السلبية التي طبعت الاستحقاقات الانتخابية في العديد من مراحل تاريخ المغرب السياسي، و التي أدت إلى تشكيل مجالس بلدية و قروية و غرف و برلمانات تفتقر إلى القوة الاقتراحية، و عاجزة عن الإنتاجية و الابتكار و الحماس، لا تتحلى بالكفاءة عاجزة عن التأثير و عن التعبير عن إرادة الجماهير، و عن تحريك عجلة التنمية، رغم إقرار العديد من القوانين التنظيمية التي تحدد إطار عملها و تفعيلها، رغم توسيع اختصاصاتها و تطوير آلياتها، و هو ما أذى في نظر المؤلف، إلى تفاقم الأزمات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بالبلاد سنة بعد أخرى، و انتخابات بعد أخرى.
و أكد المؤلف في فاتحة هذا الكتاب، أن السلبية التي تسلطت على المسلسلات الانتخابية في المغرب، منذ مطلع الستينات إلى اليوم، لا تتجلى فقط في وصول طبقة من الانتهازيين إلى مراكز المسؤولية و إلى المؤسسات المنتخبة، بسبب شراء ذمم الفقراء بالمال الحرام و بدعم من ” السلطات ” و لكنها تتجلى أكثر في ابتعاد الجماهير عن المشاركة و في عدم تأطيرها بشكل صحيح من طرف الأحزاب و الحركات السياسية، و هو ما أذى دائما إلى نتائج عكسية مدمرة للديمقراطية و الانتخابات و للمجتمع بكافة شرائحه و فصائله.
و في قراءة هذه الفاتحة للفساد الذي عم التجارب الانتخابية في المغرب خلال الأربعين سنة الماضين، تأكيد على أن هذه التجارب ظلت تعبر عن علاقة القوة بالفاعلين السياسيين. و عن النهج السياسي المتنامي لدى شرائح واسعة من المواطنين، خاصة الشباب الذين أصبحوا يحتلون مرتبة متقدمة في نمو المغرب الديمغرافي . و يتمتعون بوعي شامل بقضايا الديمقراطية و حقوق الإنسان في بلادهم و بلاد العالم.
يتساءل محمد أديب السلاوي في خاتمة هذه الفاتحة : بأي أسلوب سيعالج العهد الجديد المسألة الانتخابية. مسألة التصادم بين السلطة و الديمقراطية و بينها و بين الانتخابات؟.. و يؤكد أن العهد الجديد الذي ينتمي إلى ثقافة ديمقراطية أكيدة، و يؤمن بمشاركة النخب و الفاعلين في البناء و التنمية. و دعم دولة الحق و القانون يحمل معه مبادرات كبيرة، و هو ما يعطي الانطباع أن المغرب يتجه بثبات نحو التخلص من ترسبات الماضي، و تصحيح المفاهيم السياسية و الدستورية و تطهير مسارات دولة القانون.
و ليس بعيدا عن هذه الفاتحة. و عن كرونولوجيا الانتخابات في المغرب ( 1960- 2000 )، و عن القراءة المتأنية لانتاخبات 1997 كنموذج للفساد الانتخابي، يعالج الباب الثالث من هذا الكتاب، و عنوانه، الانتخابات: النخبة و الإصلاح، المنظور المستقبلي للمعضلة الانتخابية في بلادنا، داعيا الدولة و المجتمع المدني و الأحزاب السياسية، إعادة النظر في هذه المعضلة و ما يرتبط بها من إشكالات تتعلق بعمل الأحزاب و تنظيمها و دمقرطتها، كما تتعلق بالمدونة الانتخابية و قوانينها التنظيمية الزجرية و الرقابية، و هو ما يتطلب ــ في نظر المؤلف ــ تعزيز الضمانات الإدارية المرتبطة برفع وسائل الضغط على الناخبين و شراء ضمائرهم و تعزيز لجان الرقابة و تشديد العقوبات على المنتهكين للقوانين الانتخابية، إضافة إلى وضع خطة وطنية إصلاحية محكمة، بمشاركة كل الأطراف السياسية المسؤولة دستوريا عن تأطير المواطنين و مشاركتهم، في مقدمتها الأحزاب السياسية.
و في نطاق هذه الخطة، يقترح المؤلف عشرة إصلاحات للانتخابات المغربية .
و هي :
ــ تصحيح المسار الدستوري.
ــ تخلى الدولة عن تدخلها.
ــ مراقبة الانتخابات بواسطة لجان قضائية مستقلة.
ــ إصلاح اللوائح الانتخابية.
ــ إصلاح التقطيع الانتخابي.
ــ إصلاح نمط الاقتراع.
ــ إصلاح الأداء السياسي.
ــ زجر الغش الانتخابي.
ــ و نشر الوعي السياسي.
ــ إصلاح مستوى الترشيحات الانتخابية.
و في خاتمة الكتاب، يتحدث المؤلف عن المرأة و الانتخابات، فيؤكد أن العنصر النسوي الذي يمثل قرابة 60 % من الساكنة المغربية، لا تزيد نسبة تمثيليته في البرلمان على 05% . لا تزيد تمثيليته في المجالس المحلية على 0.34%، و هو ما يعتبر وضعا بكل المقاييس، لا يمت بصلة للديمقراطية و لحقوق الإنسان، و لا لمقتضيات الدستور الذي يساوي الرجل بالمرأة.
و لإصلاح هذه الإشكالية، يقترح الكاتب إضافة إلى تحسين سياسات التعليم و الصحة و الشغل و الفلاحة و الصناعة، إصلاح الأدوات الانتخابية و تحسين الأداء السياسي في المؤسسات و المجتمع. و إعطاء النساء فرصتهن الكاملة لإثبات جدارتهمن في ترسيخ الديمقراطية، و ترسيخ التنمية.