محمد السعيدي: دين يجب أن يرد للباحث المفكر المبدع محمد أديب السلاوي
محمد السعيدي: دين يجب أن يرد للباحث المفكر المبدع محمد أديب السلاوي
المفكر الأديب محمد أديب السلاوي يرقى في كتاباته إلى مدارج السمو الإبداعي بمظاهره الموسوعية المتميزة، بفضل ثقافته المتنوعة المشارب، المتعددة المصادر، فهو صحافي أريب، تظهر براعته في كتابة التحليلات السياسية والاجتماعية والثقافية، وفي إنجاز التحقيقات، وفي إجراء المقابلات، يكسبها جميعا نكهة الجدة والطرافة، وهو باحث أدبي يغوص في أعماق القصائد، قديمها وحديثها، يستجلي صورها بيسر ولين، كما يستخرج دررها بدربة ودراية، ليضع مكنوناتها بين يديك، تغريك لإعادة قراءتها والتمسك بتلابيبها بشغف وأسر، وهو ناقد فنان يسبر أغوار اللوحات التشكيلية سبرا لقراءة ما تصبو إليه من رموز، وما تبوح به من تلميحات، مسهما بذلك، عبر المنابر الإعلامية، العلم والأنباء والصحافة والشعبية ومن خلال اللقاء والآداب والأقلام والعربي والقائمة طويلة، طويلة بطول قامة المحتفى به الإبداعية. وليس من شك في أن المكتبة التشكيلية في المغرب عرفت على يدي المفكر الفنان محمد أديب السلاوي تأسيسا وازدهارا، بفضل مقالاته التقييمية النقدية، وبفضل مؤلفاته التاريخية والفنية عن التشكيل المغربي، والتعريف به تعريفا علميا وجماليا، وبذلك تكونت في المغرب لأول مرة في تاريخه الثقافي مجموعة من المراجع لأديبنا الفنان، أغنت هذا التراث الحضاري إغناءا، أشرقت إشعاعاته على الباحثين والدارسين والمهتمين والنقاد وأنارت لهم سبل معانقة أغراضه كما أتاحت لهم فرص تناول موضوعاته وأشكاله تناولا هينا دون عناء أو كلل.
وتلكم مزية تتمتع بها مراجع الفنان والباحث محمد أديب السلاوي، وتفحص متمعن لإصداراته في هذا المجال بدءا بأعلام التشكيل العربي بالمغرب عام 1982 بغداد العراق، ومرورا بالتشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة 1983، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق سوريا. ووصولا إلى مؤلفه التشكيل المغربي، البحث عن الذات 2009 المغرب، واستقبالا بمؤلفه بعنوان “مائة عام من الإبداع التشكيلي بالمغرب” بتقديم الناقد الكبير عبد الرحمان طنكول، كل ذلك يدل على أن أديبنا شغوف بالفن التشكيلي حتى الثمالة، شغفه بباقي الأجناس الأدبية الحديثة، يعطي لكل لون منها وقته وجهده بكل استماته ووفاء: فللمسرح حظه من اهتماماته، عرفه كاتبا ناقدا، وهو في كل ذلك يمسك بقلمه فيتحول بين يديه شاء أم لم يشأ، إلى ريشة ترسم بالكلمات الزاهية لوحات غاية في التناسق والإبداع، ونهاية في الإشراق والتألق. ويطغى ذلك أيضا على كتاباته السياسية يجسم للقارئ خلالها الموضوع تجسيما لا يخلو من لذة فكرية وإمتاع فني، وهذا، وأيم الله شأن الكتاب الكبار، وديدن المبدعين الأفذاذ، تستطيب قراءتهم، وتفتن بما يقدمون إليك من زاد فكري يغني مداركك ويوسع مفاهيمك، كما يعمق ثقافتك دون عناء أو إرهاق، وآمل ونحن نحتفي بالتشكيل المغربي البحث عن الذات، ونحن نحتفي بكاتبه الأديب الفنان أن يلتفت اتحاد كتاب المغرب الذي يعد محمد أديب السلاوي من مؤسسيه الأوائل إلى إبداعاته التي تثري الواحدة بعد الأخرى، إلتفاتة برور لإعادة نشر ما نفذ منها في طبعتها الأولى والثانية، كما يستحثني ضمير المثقف، وواجب الصدع بالحق إلى توجيه نداء صادق مخلص من هذا المنبر التكريمي إلى وزارة الثقافة في عهدها الجديد الواعد، ملحا عليها كل الإلحاح في إصدار مجموعة الأديب الفنان محمد أديب السلاوي عن المسرح والتشكيل والشعر والقصة والرواية، إصدارا يؤلف منها الأجزاء، ويجمع منها الشتات في باقة عطرة تزهي بها المكتبات، وتفخر بها الرفوف على غرار ما فعلته من ثلة من مبدعينا الأفذاذ، ومفكرينا العباقرة، وبذلك تكون قد ساهمت في رد بعض الاعتبار لمفكرنا الفنان كما تكون قد أدت للثقافة العربية خدمة لا تنسى، تحسب لها في عداد إنجازاتها الفكرية، وليس من شك في أن المفكر محمد أديب السلاوي علم من أعلام الفكر ارتاد بموسوعيته مجالات إبداعية شتى منذ عقود من الزمن تمحورت حول:
أ- الكتابات السياسية
ب- المقاربات الأدبية
ج- النقد المسرحي
د- النقد التشكيلي
هـ-الإسهامات الصحافية
ومن هذه الموسوعات انبثقت إصدارات حافلة بالقيم الإنسانية والاجتماعية والفكرية، تعد مرجعا لكل الدارسين والباحثين لأعداد الرسائل والأطاريح والبحوث.
محمد أديب السلاوي مدرسة بصمت تاريخ الأدب والفن والصحافة ببصمات ستخلده عبر التاريخ كمبدع فنان أصيل، فطوبي له ولرجال الفكر النبلاء بهذا الوطن الغالي.
أستاذ باحث قصاص وشاعر
ألقيت في الحفل التكريمي الذي نظم له
بمدينة فاس، يوم 15/02/2010