عبد الحق الزروالي: من يكرم من!؟
عبد الحق الزروالي: من يكرم من!؟
فرضا أن لي خمسون ألف من المعارف
وخمس مائة صاحب…
وخمسة أصدقاء…
وعندها سيكون اسم محمد أديب السلاوي أحد هؤلاء الخمسة بامتياز
إلتقينا أول مرة في بداية السبعينات من القرن الماضي… وهو ما يعني أن 40 سنة من العلاقة. مسألة في غاية الأهمية… وطيلة هذه المدة كان كل منا يتابع الآخر… تارة عن قرب… وأحيانا عن بعد… عبر دروب الصحافة والمسرح وفنون الموسيقى والتشكيل…
ودائما كانت لنا صدقات مشتركة مع أسماء ورموز في مجالات التعبير السالفة الذكر.. داخل المغرب وخارجه.. في بغداد.. ودمشق والقاهرة وتونس…
إلى أن جاءت هذه اللحظة الآن.. هنا … كأول مرة إلتقي فيها مع أديب السلاوي على أرض فاس.. التي نعتز معا بإنتمائنا إليها… جسدا وروحا ومعنى…
ولأني أعتبر أديب السلاوي في مرتبة الأخ الذي لم تلده لي أمي…، أجدني في أشد حالات الحرج وأنا أخط هذه الكلمات… فلقد وجدت نفسي أتحدث عن أناي وليس عن الآخر المفترض أنه أديب السلاوي!
ولأني لا أريد أن أفوت هذه الفرصة وبعيدا عن كل تنميق لغوي… أو استضهار لقيم المجاملة والمحابات السائدة والمتعارف عليها في مثل هذه المناسبات
أقول… أما آن الأوان لنرد الإعتبار لهذا الرجل الذي أغنى حقل الإعلام والثقافة والإبداع برصيد وافر من الكتب والمقالات والمبادرات الفنية التي كان لها الأثر الإيجابي والصدى الطيب داخل المغرب وخارجه؟
ولأن الثقافة سلوك… كما يقال… وليست مجرد إنتاج وتصدير للأفكار والنظريات فإن أديب السلاوي ليس مجرد فرد فاعل في هذه الإتجاه… بل إنه في تقديري مؤسسة قائمة الذات… وأن باب بيته كان ومنذ عرفته دائما مشرعا في وجه الكتاب والمبدعين… على غرار ما يسمى في الغرب –بالصالون الأدبي-
أخي أديب:
أحيي فيك قدرتك على الصمود في وجه إكراهات التلوث الذي يلف المجال الثقافي عندنا… وقدرتك على إرسال الإشارات الواعدة… والراصدة لكل أشكال التشوه المتربصة بحركة الإبداع جملة وتفصيلا.
أحيي فيك -روح النخلة- حين تداهمك العواصف.. فتميل برأسك.. وبعدها تعرف كيف تستعيد وقفتك..
أو حين تداهمك غيمات الإكتئاب تحت ضغط عوامل اجتماعية أو مادية أو سياسية… فإنك تعرف كيف تقهرها بقهقهتك الساخرة من كل عناصر الإحباط والاستسلام.
أحيي فيك –روح النحلة- وأنت تحلق عبر حدائق الأدب والإبداع بحثا عن زهرة سحرية لم تكتشفها بعد…
أحيي فيك… أنك الطفل المتجدد… فلقد عاصرت أجيال… وما تزال… تعتقد… أنك مع مطلع كل شمس… تبعث… وتولد!
أحيي فيك… القناعة بما لديك…
وأنك لست ممن يفخرون بانتمائهم لفاس.. فلربما… فاس… هي من يحق لها… أن تفتخر… بانتمائها إليك!
أحيي فيك… فيض العطاء وروح الابتكار… وقدرتك على السباحة ضد التيار…
أحيي فيك… أنك تشاطرني نفس الإحساس بأننا معا… نتمنى لأمة حكم عليها بالتراجع والشتات… وأن إشباع مجاعات البطون ممكن ولو من شظايا الأرصفة وبراميل النفايات… أما إشباع مجاعات العقول… مجاعات القلوب… فهيهات هيهات…
أحيي فيك… صدق عشقك لهذه المدينة… ولو أن الوفاء أصبح في زمننا هذا… عملة قديمة… ولم تعد لها قيمة!
أخي أديب:
هذا المساء.. يكرم اتحاد كتاب المغرب بمعرض الكتاب بالدار البيضاء الأستاذ محمد برادة مدير شركة سبريس… وقد طلب مني أن أساهم في هذا التكريم
هذا المساء أيضا سيكرم الدكتور عباس الجراري بمسرح محمد الخامس بمناسبة مرور 40 سنة على صدور كتابه القيم حول فن الملحون وكان من المقرر أن أحظر هذا التكريم…
لكن… وبعيدا عن أي فهم لمعنى المقارنة أو المفاضلة… أجدني الآن بينكم… هدفي… أن أحضى بشرف المساهمة في حفل تكريمك أيها الصديق.
ولأن المناسبة شرط كما يقال:
أستأذنك في أن تسمح لي بتوجيه كلمة شكر وتقدير في حق زوجتك الكريمة –الحاجة زينب- التي أكدت من خلال اختيارك لها كزوجة… أن فاس بالنسبة لك ليست… مجرد مسقط رأسك… بل مسقط قلبك أيضا…
أخي أديب.. لك مني صدق المودة والتقدير
ألقيت في حفل تكريم الأستاذ
محمد أديب السلاوي بمدينة
فاس يوم 15/20/2010