قداسة السلطة ، سلطة القداسة
قداسة السلطة ، سلطة القداسة
-
السلطة، ظاهرة طبيعية في كل المجتمعات، فهي ركن أساسي من أركان الدولة/ أي دولة، فلا نظام بدون سلطة، شريطة أن تتوفر على الشرعية و المشروعية.
و سلوك السلطة يختلف من بلد إلى آخر، من نظام إلى آخر، و هو ما أدى إلى خلط في مفاهيمها على المستوى الفكري و القانوني، كما على المستوى السياسي و الاجتماعي. و لكن في غالبية المفاهيم المادية، تبقى على ارتباط شديد ب التسلط / العنف” . إنها فرض إرادة شخص أو اشخاص أو نظام على أمة. السلطة تحكم، تعطي التعليمات، تتخذ القرارات . و الشعب يتلقى السلطة، يمتثل لتعليماتها و قراراتها و أحكامها و قوانينها. و يخضع لأمرها الواقع، بفعل اندراج هذا المفهوم عبر الآليات التي تبتكرها ” السلطة و تستخدمها، لتثبيت وجودها عبر القوانين التي تشرعها لهذه الغاية.
طبعا، يختلف المفهوم الفطري/ البداني للسلطة، عن مفاهيمها في الشريعة الإسلامية و عن مفاهيمها في الأنظمة الديمقراطية. فهي في الشريعة عدل سماوي، و في الديمقراطية احترام و تنفيذ لأحكام الدستور و الالتزام بحدود القانون و بقيم المواطنة و حقوق الإنسان.
و خارج هذه المفاهيم، يربط العديد من الباحثين و الفلاسفة، بين السلطة و العنف، يرى بعضهم أن تثبيت السلطة في مجتمع ما أو حتى بين أفراد أسرة ما يستدعي دوما فرض إرادة شخص أو مجموعة أشخاص على الآخرين و يندرج مفهوم العنف عبر استخدام آليات قد تكون مادية أو معنوية أو بهما معا. و يعني هذا في المقابل الإكراه عل الخضوع و الامتثال للأوامر و القرارات و التعليمات، سواء كانت تكتسي طابعا شرعيا أو تتخذ شكلا استبداديا.
و من هذا المنطلق يقترن مفهوم السلطة عند المجتمع المدني بمفهوم الخضوع و تنفيذ الأوامر.. لذلك يختلف مفهوم السلطة في المجتمعات الديمقراطية الراقية عنه في المجتمعات التي تبحث لنفسها عن مجال للاستقرار السياسي و الاجتماعي رغم ظروفها الاقتصادية و تشابك طوائفها الإثنية… فعلى المستوى الأول ــ المجال الديمقراطي ــ يرتبط مفهوم السلطة باحترام الأفراد للدستور و القوانين التشريعية و قرارات السلطات الإدارية و غالبا لا يشكل هذا أي عائق باعتبار إدراكهم و معرفتهم و اضطلاعهم على مجموع هذه القوانين التي تثبت حقوقهم و تحدد واجباتهم إزاء السلطة.
أما في المجتمعات النامية أو تلك التي في طريق النمو، فما يزال مفهوم السلطة محل جدال و مناقشات عديدة لاعتبارات شتى نتيجة لرواسب الاستعمار السابق و ميله إلى تقسيم الدول الخاضعة له إلى طوائف و إثنيات متعددة ( حالة إفريقيا جنوب الصحراء ) كما أن لظاهرة انتشار و توسع الأمية و الجهل على اعلى المستويات ( 80% لدى بعضها ) أدى بصفة أوتوماتيكية إلى جهل تام بدور و مفهوم و أهمية السلطة نفسها، فما أدراك بمستوى المعرفة بحقوقهم وواجباتهم (1).
السلطة إذن هي القوة و الغلبة و القهر عند بعض الأنظمة. و في ذات الوقت هي الحجة و البرهان، عند أنظمة أخرى.
و من أجل الوصول إلى كنه السلطة، و إدراك مفاهيمها في اللغة و الفكر، لا بأس من التوقف عند بعض مفاهيمها، و خاصة منها، المتصل باللغة و الدين و الفكر الغربي. و ذلك قبل استقرائها على جداريه الواقع المغربي.
أ / في المفهوم اللغوي
السلطة في اللغة العربية، تحيل غالبا في المتخيل الشعبي و في الفكر السياسي العربي، إلى التسلط و الإكراه، فهي دائما مكروهة و يتعامل المواطن العربي معها بحذر شديد.
و في القواميس الغوية العربية، تحيل السلطة دائما إلى السلط و السليط، أي طويل اللسان. فالسلطة تستمد معناها ( لغويا ) من فصاحة اللسان و قوة الإقناع، كما تحيل إلى السلطان ( موئل السلطة و مركزها ). و السلطان يعني الحجة و البرهان و كأن السلطة تقوم عليهما، بالإضافة إلى قيامها على التسلط.
ب / في المفهوم الإسلامي
و على المستوى الديني، ينكر العديد من الفقهاء وجود كلمة ” السلطة ” في الفقه الإسلامي، و لكنهم في الغالب يؤيدون وجود نصبها و جعلها أساسا تنظيميا للدولة.
و عند نخبة من الفقهاء : أن السلطة هي تطبيق حقوق الله في الأنفس و الأموال و في الأخلاق و التنظيم الاجتماعي. كما في جمع الزكوات و الخراج و أحكام النفقة و الميراث (2) و تشترط في صاحبها، العمل بمبدأين :
الأول أن تكون سلطة دينية في أحكامها مستندة في تنظيمها و تشريعها إلى التصور الاعتقادي الإسلامي. و الثاني أن تكون محكومة بقيم الأخلاق الإسلامية.
إن قوة هذه السلطة، تكمن في حيادها. ففي نظر غالبية الفقهاء و المفسرين المسلمين، أن السلطة يجب أن تبقى في كل الظروف و الأحوال أداة محايدة، لا هي بالخير و لا هي بالشر، و لا توصف بذاتها من صفات التحسن، و لكنها تستخدم لقصد السبيلين في الشريعة.
و بناء على هذا المفهوم ، حدد الفقهاء قواعد السلطة في خمسة شروط، تشمل تنظيم العلاقات بين الفرد و المجتمع و الدولة على أسسها “
ــ المساواة بين أفراد المجتمع
ــ العدل بينهم
ــ تمتيعهم بكامل حقوقهم الإنسانية
ــ دعم تكافلهم الاجتماعي
ــ طاعة أفراد المجتمع ( حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي )
و في تفسير الفقهاء لهذه الشروط، (3) أن الإسلام يجعل من السلطة قوة، أحكام نظرية، أمر و طاعة، و لكنه يحددها بقواعد و ضوابط تستمد أهميتها و قيمها من الأحكام الإسلامية. من القرآن و السنة التي يجعل المسلمين/ المواطنين سواسية أمام أحكام الشريعة، تنفذ الأحكام في الأغنياء و الفقراء، في الشرفاء و الضعفاء، تطبق المساواة بين الرجل و المرأة، تحمي الأنفس و الأعراض و العقول و الأموال. و تحمي الدين و الأخلاق. و تكفل العيش الكريم لكافة المواطنين. و تلزمهم بالطاعة فيما لا يحرمه الله في دينه الحنيف.
ج / في المفاهيم الفكرية الغربية
و عند المفكرين الغربيين، للسلطة مقاربات متعددة، يعرفها ماكس فيبر، بأنها ( الإمكانية المتاحة لأحد العناصر داخل علاقة اجتماعية معينة، يكون قادرا على توجيهها حسب مشيئته ). و يعرفها تالكوت بارسونز : بأنها ( القدرة على القيام بوظائف معينة خدمة للنسق الاجتماعي، باعتبارها وحدة واحدة ). و قد سار الكتاب الغربيون في نفس هذا الاتجاه مع إغناء مفهوم السلطة، سواء من حيث وظيفتها أو من حيث مكوناتها أو من حيث شرعيتها و مشروعيتها، و مع ذلك بقى مفهوم السلطة من المفاهيم الغامضة و المتلبسة في القاموس السياسي الغربي .
و من وجهة نظر علماء الغرب المعاصرين (4)، تتوزع السلطة على ثلاثة مستويات :
1 – السلطة التقليدية : و تستمد نظمها من التاريخ القديم، تقوم على الاعتقاد بأن أحكامها متصلة بقوة شرعية نهائية و مطلقة، إذ يعتقد أصحابها بأنهم يمارسونها من خلال شرعيتهم التاريخية و أنهم يعملون بنظم و أحكام تلزم متلقيها بالطاعة و الولاء.
2 – السلطة الكرزماتيكية : و هي تربط نظمها بالمقدس الديني
3 – السلطة الشرعية العقلية : و هي تعتمد على الأنظمة و الأحكام القانونية العامة القائمة عل العقل و التوافق السياسي و الاجتماعي .
و السلطة قبل ذلك و بعده، اصطلاح دستوري، يتوزع في كافة الأنظمة على ثلاث مستويات : السلطة التشريعية و السلطة القضائية و السلطة التنفيذية، يناط بكل واحدة منها ( حسب نظم الحكم و طبيعته ) مهمة من المهمات التي تؤمن للدولة سيرها القانوني و السياسي (5).
أ ــ و بالنسبة للسلطة التشريعية يناط بها مهمة وضع القوانين في حدود إطارها الدستوري .
ب ــ و بالنسبة للسلطة القضائية، فيناط بها مهمة تفسير القوانين و تنفيذها و تتمثل هذه السلطة في القضاء و أعضاء النيابة و معاونيهم من المحامين، و يشترط في أعضاء هذه الهيئة بالنسبة للدول الديمقراطية استقلال أعضائها من حيث اختيارهم أو عدم قابليتهم للعزل. و غير ذلك من العوامل التي قد تؤثر في تحقيق العدالة و استقلالها .
ج ــ أما السلطة التنفيذية ( و هي موضوع هذه القراءة ) فتعرف في القوانين الدستورية بسلطة الحكومة ( السلطة الإدارية ) فهذه الأخيرة هي الهيئة المنوط بها تنفيذ القوانين و على رأسها رئيس الدولة ( الملك / رئيس الجمهورية/ الأمير ) الذي يمارس سلطاته بواسطة وزرائه : اصحاب السلطة الفعلية .
و هكذا انشغل علماء السياسة بالغرب، بإشكالية السلطة من حيث شرعيتها و مشروعيتها، ومن حيث تقسيماتها و علاقة كل منها بالأخرى، كان أهم تقسيم للسلطة و صله الفكر الغربي، هو التقسيم التخصصي، الذي يقول بأن هناك سلطة تنفيذية و سلطة تشريعية و سلطة قضائية، هذه السلط و ضمانا لعدم التعسف، أصر هذا الفكر على أن تكون منفصلة عن بعضها البعض، و كل أشكال السلطة، أشكال الخضوع الأخرى يجب أن تكون تابعة لواحدة من هذه السلط.
و في نظر فقهاء الغرب في العصر الحديث، أن السلطات بتوزيعها الثلاثي المتوازن ( تشريعية و تنفيذية و قضائية )تحولت في البلاد الديمقراطية إلى أنواع من القوة، تنظم جهود وواجبات الآخرين، من خلال القوانين و التشريعات و الأوامر التي تصدرها باعتبارها سلطة شرعية.
و معروف أن السلطة الشرعية بالمعنى الديمقراطي تختلف عن السيطرة القسرية أو الجبرية التي تلزم الأفراد على التكيف لمشيئتها من خلال استعمال العقاب، ذلك لأن ” السلطة الشرعية ” بالمعنى الديمقراطي، تتأثر في فعاليتها بالأجهزة التي تعتمدها لتنفيذ شرعيتها، أو في تحقيق الأهداف الجمعية التي تربطها بالمواطنين الأفراد الخاضعين لقوتها، و هو ما يفرض علاقات قوية و متكاثفة بين الطرفين .
د /في المفهوم المغربي
يختلف مفهوم السلطة في المغرب القديم/ الحديث عن مفاهيمها العربية/ الإسلامية و الغربية الحديثة، ذلك لأنها تتخذ من كل المفاهيم المتداولة مفهومها الخاص.
إن البحث في معنى السلطة و في مفاهيمها المغربية، تطورها، آلياتها و إشكال صياغتها، سيظل الشغل الأهم للدارسين التارخيين و الاجتماعيين و السياسيين، لما لهذا المصطلح/ السلطة من تداخل في التاريخ الاجتماعي/ السياسي/ الاقتصادي/ و الثقافي. و لما له من ترابط مع المواطنين في حياتهم و انتاجهم و مبادراتهم.
السلطة بالمغرب ترتبط ارتباطا عضويا بمفهوم ” المخزن ” و المخزن كمفهوم لغوي يعني خزن الشيء أي الاحتكار له أو التفرد بالسلطة في التقرير بشأنه، و هو مفهوم في نظر بعض الأخصائيين (6) يحيل على التركيز و يجعل السلطة تطال المخزن بمفهومه العام بما في ذلك مفهوم الدولة ذاتها. و من ثمة ينصرف المعني المشاع في الرأي العام حول ” المخزن ” الذي هو ” سلطة ” الدولة. فحيثما توجد الدولة يوجد المخزن و العكس بالعكس.
و في نظر هؤلاء الأخصائيين، أن بنية ” المخزن ” في الوضع المغربي أسبق و أقدم من بنية الدولة المعاصرة. و لذا قد يتبادر إلى الذهن، أن ثمة ما بين المفهومين للدولة كما للمخزن في التركيبة البنيوية للتشكيلات السياسية المغربية منذ ما يناهز عشرة قرون، فلم يكن ثمة وجود دولة كمفهوم معاصر للدولة قبيل بنية المخزن، لأن الدولة كمفهوم دستوري ليست إلا بلورة لشكل أنيق لمؤسسة أو بنية المخزن.
بهذا المعنى، يصبح ” المخزن ” مظهرا للدولة، عنده تتمركز كل السلط كأداة إرغام لسلطة القانون و كأداة لتنظيم المؤسسات المرعية في الإطار الجغرافي للدولة.
و برجوعنا إلى التاريخ الإداري للمغرب القديم، نجد السلطة المخزنية تستمد نفوذها و قوتها و جبروتها من ” السلطان ” .
فالمخزن هو فئة من الموظفين، يشرفون على الشؤون العامة بالحواضر و البوادي ( الولاة و العمال و الباشوات و القواد و الشيوخ و المقدمين و الشرطة ) و جميعهم يستمدون سلطاتهم من سلطات السلطان.
يعني ذلك بوضوح، أن نظام الملكية المغربية يسمو على مؤسسة أو بنية ” المخزن ” كما يسمو و يعلو على جميع المظاهر و الرموز التي تشكل مقومات المجتمع المغربي، و ذلك من حيث تركيبته السياسية و السويو ــ ثقافية أو من حيث تركيبته السكانية .
و لئن يتبادر إلى الذهن أن مؤسسة ” المخزن ” هو الدولة ذاتها، فإن ذلك من صميم الخطأ، إذ أن المخزن في نظر المؤرخين و الباحثين الاجتماعين، ليس إلا مظهرا من مظاهر الدولة الحديثة بالمغرب، حيث تتمركز السلطة أو الهيبة اللازمة للدولة كأداة إرغام لسلطة القانون أو أداة تنظيم للمؤسسات المرعية في الإطار الجغرافي لسيادتها. فالدولة حديثة النشوء المؤسساتي بالمفهوم المعاصر لها، بينما تبقى بنية المخزن أقدم تجذرا في شكل الحكم المغربي. الدولة هي إذن بمثابة الإبن الشرعي للمخزن.
بذلك نجد الملكية في المغرب تعكس جميع مكونات الدولة كما تنعكس تلك المكونات في النظام الملكي منذ قرون خلت، الأمر الذي أعطي للملكية طابعا فريدا و متميزا على مستوى الممارسة السياسية أو على مستوى مظاهر و تجليات المجتمع المغربي/ ككل. و لاشك أن هذا الحقل مازال يتطلب تحاليل ميدانية في غاية الدقة و التخصص، و على ذوي الاختصاص في الموضوع أن يعمقوا ذلك.
إن الملكية نوع من تركيب Synthése شامل لأكثر من معطي أو مظهر من مظاهر التنوع الكامن في المجتمع المغربي. و ليست مؤسسة المخزن أو بنيته إلا تجليا من تجليات السلطة Autorité اللازمة لتكوين و نشوء و قيام كل دولة (12) .
و حسب مراجع التاريخ المغربي أن نظام المخزن، يعود إلى تاريخ الدولة الإدريسية ( أي ما قبل 1200 سنة ) حيث كان الولاة الذين يجسدون إرادة المخزن،( و ما يخضع لسلطاتهم من موظفين ) يعملون تحت سلطة النواب العامين لأمير المؤمنين و يخضعون لتعليماتهم و توجيهاتهم.
و في نظر العديد من الباحثين و الدارسين لقضايا السلطة بالمغرب فإن الذي يصنع حقيقتها، هي الروابط التي توجد بين المؤسسات السياسية و العسكرية و الصناعية و إن المتميز بها/ السلطة، هي الطبقة القائدة لكل عصر من العصور. فالسلطة هي للنخبة كأقلية قائدة في مواجهة الجماهير، أقلية تختصر التاريخ إلى صراع بين النخب للوصول إلى السلطة (14).
و في نظرهم أيضا أن مفهوم السلطة في المجتمع المغربي عامة و الوسط القروي خاصة، قام على أساسين :
1 – التنظيم الاجتماعي
2 – الأعراف
هكذا نستخلص من ترابط الشبكة السلطوية التي تميزت بها سلطة دولة المخزن لقرون طويلة أنها كانت تستمد وجودها و سلطاتها من ” السلطان ” فبسلطاته الممنوحة تشرف على الشؤون العامة للبلاد في العالمين الحضري و القروي على السواء. إذ تخضع كل السلطات و القوانين إلى نفوذها المباشر، و حتى في العهد الاستعماري (1912- 1955 ) ظل مفهوم السلطة المخزنية ثابتا و راسخا في الإدارة الترابية، حيث استوعبت الإدارة الاستعمارية ما هو مخزني في علاقتها مع ” الأهالي ” تحت تأثير الازدواجية التي تبنتها هذه الإدارة و هو ما أحدث هوة سحيقة بين الدولة المغربية و محيطها المغربي من جانب. و بينها و بين الإدارة الاستعمارية من جانب آخر.
لأجل ذلك نجدها سلطة ترتكز على الجذور القبلية و القروية و المدنية مما أثر دائما على التنظيم الاجتماعي الذي تستمد السلطة منه مفهومها و ممارستها، كما تستمده من الأعراف المتبعة كرمز من رموز المنزلة الاجتماعية و التي ترفض الاعتراف بالسيادة عليها، حيث تعتبر نفسها سلطة مكتملة الأبعاد و الصلاحيات. إن السلطة في العرف القبلي استمدت نفسها دائما، من نهج العشيرة في التاريخ و الحقوق القبلية، فالعشيرة هي وحدة متكاملة للسلطة من جانب آخر يرى بعض الباحثين المغاربة أن السلطة في المجتمع القروي المغربي، كانت تقوم على قواعد محددة .
1 – خاصية الأعراف و شمولها
2 – تنظيم النسب الأبوي و التدرج السلالي و التراتب الاجتماعي العام : ( الزعماء/ الصلحاء/ الشرفاء/ القيادات الاجتماعية/ الشيوخ القياد…
3 – تحتكم الجماعة بملك الفرد إن من ناحية الزواج أو العادات و التقاليد و الأنماط الاجتماعية السائدة.
4 – الاتحاد و الائتلاف و التعاقد
5 – محاولة التعالي عن مؤسسات تسحب سلطة القبائل لتمنحها إلى إحلال سلطوي بديل يحل محل السلطة المحلية .
إن قدسية السلطة في نظر هؤلاء الباحثين ، تتأكد من العلاقة التي تجمع المجتمع القروي بالحاكم إجلال وخضوع كامل و غير مبرر عقليا، ذلك ان الخوف الذي يمتلك الإنسان القروي الجاهل بالقانون في حالة عدم الطاعة، يرتقي إلى صفة توهم التعرض للانتهاك فتداخل السياسي و المقدس غير قابل للجدل، فالسلطة حتى في المجتمعات الحديثة ليست مفرغة أبدا من مضمونها الديني الذي يمارس الحضور في الفعل السلطوي كما يمارس التحول ” إن أعضاء الدولة السياسيين هم مدنيون لتلك الثنائية بين الحياة الفردية و الحياة الوراثية، و بين حياة المجتمع المدني و الحياة السياسية. حيث طبيعة الاستعلاء ” التصاعد ” الخاص بالدولة. إن كلا من سلطة الدولة و سلطة الدين هي في جوهرها من طبيعة متشابهة حتى في حالة انفصال الدولة عن الدين. إنها علاقة ممزوجة بالقدسية و هذا ما جعل السلطة لا تسمح لنفسها إلا بأن تقدس .
هوامش و مراجع
(1) رضوان أبو بكر/ إشكالية السلطة و المجتمع ( جريدة الصحراء المغربية / 21 يناير 2000 ).
(2) ابراهيم محمد زين/ السلطة في فكر المسلمين ( السودانسة للكتب/ الخرطوم 1983 ).
(3) ابراهيم محمد زين/ السباق الذكر
(4) دنكن ميشيل/ معجم علم الاجتماع ( ترجمة الدكتور إحسان محيي الدين/ منشورات وزارة الثقافة و الإعلام/ بغداد 1980).
(5) راجع معنى السلطات العامة/ القاموس السياسي لأحمد عطية الله ( الطبعة الثالثة 1968/ النهضة العربية، القاهرة ).
(6) الدكتور الطاهر مستقيم الصديقي/ الملكية المغربية في أفق الألفية الثالثة ( جريدة المنظمة / 27 نوفمبر 1999 ).
(7) المرجع السابق .
(8) محمد بكاري/ السلطة ، واقعها، آلياتها و علاقاتها بالسكان و الوسط ( جريدة العلم 31 يوليوز 2000 ص 10 ).
(9) محمد بكاري / المرجع السابق .