محمد أديب السلاوي لجريدة الرأي بلا راتب، بلا تقاعد، وبلا تغطية صحية وينتظر التفاتة ملكية
س: في رسالتك الموجهة إلى السيد وزير الثقافة الجديد، عن طريق جريدة “لوبنيون” ذكرته أن الكتاب والفنانين المغاربة لا يعيشون من انتاجهم، وأن العديد منهم بدون راتب، وبدون تقاعد، وبدون تغطية صحية، ماذا يعني ذلك؟
ج: يعني ذلك بوضوح، أن قطاع الثقافة والفنون، مازال حتى الآن، وبعد ستة عقود من حصول المغرب على استقلاله، دون تخطيط ودون استراتيجية تؤهله ليلعب دوره كاملا في التنمية البشرية وفي الانتقال الديمقراطي المطلوب… إن الكتاب واللوحة والقطعة الموسيقية والمسرحية، أدوات معرفية يتيمة، تشبه إلى حد بعيد “الأطفال المتخلى عنهم” تتقادفهم الأهواء، خارج الرعاية والدعم اللازمين… والمبدعون والكتاب والباحثين، يعلمون كهواة، يحاربون الريح، يشبهون “كونتيشوت” في سيرته، ومن تمة لا يكون لعملهم أي صدى على أرض الواقع.
س: بالنسبة إليك، حيث أصدرت حتى الآن حوالي خمسة وعشرين كتابا، تغطي مختلف الفنون والقضايا السياسية والاجتماعية، هل تنخرط أنت أيضا في حزب “الأطفال المتخلى عنهم”؟
ج: لماذا لا… حتى الآن لم أجني من كتبي إلا الكلام المعسول. دور النشر التي تعاملت معها في الداخل أو في الخارج، اشبعتني إطراء… ولم تمنحني خبزا، في واقع الأمر أن الكتاب الذي لا يوزع أكثر من عشرة آلاف نسخة، لا يمكنه أن يسد الرمق لكاتبه، كما لا يمكنه أن يغني ناشره أو موزعه، لأجل ذلك فإن الأمر يتعلق بمخططات وزارة الشؤون الثقافية، لدعم الكتاب وتعويض المؤلفين والباحثين والكتاب، وتوزيعه على مكتبات الوزارة، والمجالس البلدية والجهات والمدارس والجامعات من أجل الانتفاع به، كما هو الشأن في الدول التي تجعل الثقافة أولوية إستراتيجية.
س: وبالنسبة للكتاب والمبدعين الذين لا أجر ولا تقاعد ولا تغطية صحية لهم، كيف يمكنهم مواصلة العيش بإنتاجهم؟
ج: قلت… وأعيد القول، ليس هناك إلا القليل من المبدعين الذين يستطيعون العيش من إنتاجهم، وخاصة منهم العاملين في حقل الرقص والغناء، أما الكتاب والشعراء والمسرحيين والفنانين التشكيليين فأغلبهم على باب الله.
س: وأنت هل تنتمي إلى هذا الصنف من الكتاب؟
ج: نعم… عملت في مجال الإعلام والصحافة والتأليف حوالي نصف قرن، لأجد نفسي في نهاية المطاف، وأنا أطل على العقد السابع من عمري، بلا راتب، بلا تقاعد، وبلا تغطية صحية ولأجد في نهاية المطاف، أن الكتابة والنشر، لا تنقد صاحبها من الجوع والتهميش والحاجة.
أصارحكم القول، من أجل انقاد نفسي من هلاك الدهر ولأني أرفض أن أترك المرض ينهش جسدي الضعيف، وأرفض أن تنهكني حيرة اللامبالاة، وقلة الرعاية، وفي غياب دور حقيقي للحماية الاجتماعية للكاتب المغربي، أو في ظل تملص جمعيات المجتمع المدني الفاضح من مسؤولياتها، لم يبق أمامي سوى الالتجاء إلى ملك البلاد، وحامي كرامة مواطينها… إذ التمست من صاحب الجلالة، في رسالة موجهة إلى جلالته قبل عدة شهور إنقاذي براتب تقاعدي، أو بوظيفة تمكنني من إنقاذ حياتي… ومازلت انتظر، وكلي أمل في استجابة جلالته لهذا الملتمس، قبل أن تنهاز علي مصائب الدهر… إني لا أريد أن تكون هذه الإلتفاتة بعد رحيلي، كما لا أريد أن أبقى رهين المبادرات الخيرية